في خضمّ المآسي التي تحيط بحياتنا شئنا أم أبينا قد تكون السعادة في حياة البعض قد تلاشت حتى لم يعودوا يعرفو ما هي وكيف كانت! وذلك لأن الدماغ قد افقتد أحاسيس السعادة لفترات طويلة فاغتربت تلك المشاعر عنه.

وفي هذا المقال نقدم إليك خطوات عملية لإعادة برمجة أحاسيس السعادة في دماغك، ويمكن تحقيق ذلك عن طريق ما يسمى بـ Neuroplasticityأو المرونة العصبية.

والأمر بسيط؛ فهو أشبه بغرابة تعلم شيء لأول مرة، ثم اعتياده بمرور الوقت وفعله دون كُلفة أو صعوبة بل تلقائيا.

يعد المخ هو المسؤول الرئيس عن إحساس الإنسان بالمشاعر المختلفة؛ حيث يفرز عدة هرمونات تلعب دورا هاما في إحساس الإنسان بالسعادة، وأهم هذه الهرمونات الـ Dopamine – Oxytocin – Endrophin – Serotonin.

وبطبيعتها فإن هذه الهرمونات تُستَهلَك باستمرار، ولذا فعليك الحفاظ على بعض الأفعال التي سنرشدك

إليها، والتي تحفز إفراز هذه الهرمونات؛ ليظل مستوى السعادة لديك مرتفعا.

   -Dopamine

هو أشهر الهرمونات المسؤولة عن السعادة، ويطلق عليه “هرمون المكافآت“، وهناك عدة أسباب يفرز لأجلها هرمون الدوبامين، ومن أشهرها الإنجاز؛ فعند إنجازك لمهمة ما، كالمذاكرة مثلا، يكافأك دماغك بإفراز هرمون الدوبامين تشجيعا لك لفعل المزيد من هذا الفعل.

ولتحفيز إفراز الدوبامين ننصح بالآتي:

الجانب المظلم للدوبامين:

في الواقع إن الدوبامين في ذاته ليس سيئا، ولكن ذلك يعتمد على الأعمال التي نحصل منها على الدوبامين؛ فكما أن الإنجاز وممارسة الرياضة وعمل أنشطة سارة يعززون من إفراز الدوبامين، فكذلك نجد أن الإدمانات تعزز من إفراز الدوبامين؛ كإدمان المخدرات والإباحية؛ وذلك لأن المخ يتعرض لكمٍّ هائل من المتعة لم يعهدها من قبل، ويستمر المخ في طلب تلك المستويات غير الطبيعية من المتعة اللحظية والمؤقتة، فيجد المدمن نفسه يجرب موادَ إدمانية جديدة غير التي استهلكها والتي لم تعد تشعره بنفس المتعة السابقة، وهذه هي حيلة الإدمانات؛ فكلما تعاطى المدمن أو جرب نوعا جديدا في إدمانه استصعب عليه ترك الإدمان لأنه تدرج دون أن يشعر لمستويات أعلى.

   -Endrophin

من المفارقات اللطيفة هي أن ذلك الهرمون مرتبط أكثر بالألم! فكلما كان هناك نشاط عضلي أو بدني -وخاصة الرياضة- زادَ إفراز ذلك الهرمون بعده مع إحساس بالنشوة والسعادة.

ومن مواطن إفراز هرمون الإندروفين كذلك حالات الضحك الشديدة، وكذلك حالات البكاء! لذلك نشعر بالراحة عند البكاء وذلك أن الجسم قد فرّغ الألم أو المشاعر المكبوتة بسبب إفراز الإندروفين الذي يساعد على الوصول لحالة من الاسترخاء.

ولتحفيز إفراز الإندروفين ننصح بالآتي:

يفزر الجسم هذا الهرمون في في حالة العناق أو الاحتضان؛ وهذا يفسر شعورك بالراحة عند معانقتك لصديق أو فرد من الأسرة أو شخص عزيز لديك.

ولتعزيز الأكسيتوسين في حياتك:

وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم استقبل بعض أصحابه واحتضنهم واعتنقهم، وقبّل ما بين عيني بعضهم، فعل ذلك مع جعفر بن أبي طالب؛ كما فعله بأسامة بن زيد، وكما وقع له مع ابنته فاطمة رضي الله عنها.

      -Serotonin

يرتبط هرمون السيرتونين بمشاعر الفخر والثقة، ويزيد كلما أدى الإنسان أمرا يمدح به ويُفتخَر به، كما يمكن أن يفرز في حالات العطاء والتضحية، فذلك يتبط ارتباطا وثيقا –كما يرى سيمون سينك-  بالفخر كما نجد بعض التفسيرات المادية.

ولتعزيز السيرتونين في حياتك:

والخلاصة أن السعادة تكمن كثيرا في التفاصيل الصغيرة، وما أجمل استعادة اللحظات الجميلة في حياتك برفقة من تحب، فإن ذلك يحفز من إفراز تلك الهرمونات كما تفعل ممارسة الرياضة والتمشية في حديقة أو على شاطئ، فنحن تلقائيا نستخدم هذه الخطوات بدون وعي أحيانا للتنفيس عن أنفسنا أو لتجاوز تجربة سيئة.

والسبيل إلى ترسيخ شعور ما يشبه طرق تثبيت العادات؛ وهي الاستمرار والمواظبة، فأعد تنظيمَ يومك وانتبه لتفاصيله الصغيرة.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *