للنجاح أسبابُه الكثيرة، وللفشل كذلك أسبابه الكثيرة والمتشابكة، ولن نتعرَّضَ في هذا المقال لحصر تلك الأسباب، فليس هذا المهم هنا؛ فمفهوم النجاح يختلف من شخص لآخر؛ كجني ثروة، أو الحفاظ على الصحة، وبناء عادات صحية، والحفاظ على علاقات طيبة مع الآخرين، أو النجاح المهني والأكاديمي…إلخ.

قد تكون معرفة أسباب الفشل سهلة؛ فما إلا مقلوب أسباب النجاح التي تحدثنا عنها في مقطع فيديو (لماذا ينجح الناجحون؟ ).

إذن قد تستنتج أن هذا المقال لن يضيف إليك جديدا!، غير أننا في هذا المقال سنركز أكثر على جانب الفشل، وكيف نتعامل مع الفشل حتى نٌتْبٍعه بالنجاح.

نظرية مياه الخرطوم المتسخة!

لعل اللافتَ لانتباهِ شخصٍ متعثر في تحقيق النجاح هو نجاحُ الآخرين، لكن اللافتَ أكثر هو سلسلة النجاحات المتتالية لا مجرد تحقيق نجاح وحسب! وهذا هو مربط الفرس؛ التتالي، ومن أسرار تتالي النجاحات المداومة والاستمرارية.

لكن ما علاقة مياه الخرطوم المتسخة؟

إذا أردت أن تغسل سيارتك بخرطوم المياه فربما تجد فيه دفعة من الماء المتسخ لعدم استخدام صنبور الخرطوم لوقت طويل، فاجتمعت فيه الرواسب المختلفة، والمنطقي حينها أنك ستبقي المياه مندفعة حتى تزول تلك الرواسب وتبدأ في غسل السيارة.

وكمثال عمليٍّ أكثر نذكرُ المذاكرةَ، فحينما تبدأ مذاكرتك أو تقطع فيها شوطا يسيرًا قد تعر بكسلٍ، وهذا الكسل بمثابة الماء العكر أو المتسخ، ولن تصل إلى حالة نجاحك في إتمام المذاكرة إلا باستمرارِكَ فيها رغم ما تجد من نفسك.

 

طمأن نفسك أنه لا بد أن تجد في بداية أمرك بعضَ العقباتِ، فأنت لم تذق نجاحا بعدُ، وفور أن تفعلَ ستعتادُ نفسُكَ الاستمرار كما ستعتاد أن الكدر أمر لا بد منه، وستتجاوزه كذلك بمرونة ويُسْرٍلأنك وجدته من قبل، وربما يستشعر من جرب ارتياد صالة الألعاب (GYM) هذا المعنى أكثر، ففي أول يوم يجد آلامًا لم يعتدها في جيده، وربما تلازمه أياما قليلة، لكن ما يفعله أنه ينقطع لوجود تلك المشقة، ثم يقرر بعد فترة أن يبدأ مرة أخرى فيجد الآلام تعوده كذلك، فينقطع! ودواليك! لكن ما لا يعرفه أن عضلاته ستعتاد تلك الآلام بمرور الأيام الأولى شرط ألا ينقطع!

وكذلك من بدأ تجارةW ما فوجد في أول أمره إحباطًا لخسارةٍ صدَّتْهُ أن يُكمِلَ، لم يعلم أن شرطَ تحقيقِ مكسبِه مرورُه بعقبات وخسارة، وأنّ سلم النجاح الذي صعد به أي ناجح ممن سمع عنهم وألهمته قصصهم كانت بعضُ درجاتِه من الخسارة التي تعلم أن يجتازها بذكاء بدل أن يعود أدراجه.

وحتى أكبر الكاتبين، ربما يجدون في أول الصفحات التي يكتبونها رداءةً وأفكارا ساذجة، لكنهم يسمحون لأفكارهم بالتدفق حتى يصلوا إلى الأفكار الرائعة والتعبيرات البليغة.

ومثلُ ذلك المُنقِّبون عن المعادن النفيسة؛ فربما يفحصون أطنانا من الرمال حتى يخلُصُ لهم بضع كيلو جرامات من ذهب أو غيره!

والأمثلة كثيرة، وربما تكون قصتُك وعناءُك من الخسارة والفشل الآن قصةً ملهمةً لغيرك إن حافظت على تدفق الماء ولم يمنعك من إغلاقه بعض الرواسب التي ستزول حتما.

تذكّر أن الناس كما قال النبي ـصلى الله عليه وسلم-: ” كالإبلٍ المائة، لا تكادُ تجدُ فيها راحلة”، والراحلة تعني البعير أو الجمل الذي يصْلْحُ للأسفار وحمْلِ الأثقال، فبعكس ما نظن في الجمل من طاقة وقوة تحمل، فليس كلهم يصلح لمعالي الأمور واجتياز الصعب، فربما تجد فيهم واحدا أو اثنين يصلحان لذلك!

ومن الحكمَةِ المأثورة: ” لو أن الناس كلما استصعبوا أمرا تركوه، ما قام للناس دنيا ولا دين”، وهذا صحيح؛ لأن بلوغ أي مرتبة في أمور الدنيا أو الدين لا بد معها من صعوبات.

إذن ربما جوهر إجابة السؤال عن أسباب الفشل هو أنَّ ما يقطع شوطنا نحو النجاح هو إغلاقُنا لصنبور المياه إن وجدنا كَدَرًا! لذا تذكَّر، لن يأتيَ صفْوٌ إلا بعد كدَرٍ!

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *