المرونة النفسية – القوة الخفية للصحة العقلية


المرونة النفسية

نمر جميعًا بفترات صعبة ما بين فقد، إساءة، تنمر، عدم استقرار مالي وما إلى ذلك من الأزمات الشخصية، تُرى ما هو رد فعلك حين تتعرض لمثل تلك الأزمات؟ هل تستطيع التكيف مع الأمر سريعًا وتتحلى بقدر كبير من التماسك، أم تنهار وتُسيطر عليك مشاعرك السلبية، بناءًا على جوابك يكون قدر المرونة النفسية الذي تتحلى به.

نصحبكم بين سطور مقالنا عبر دروس اونلاين في رحلة نتعرف خلالها على مفهوم المرونة النفسية، أهميتها، هل هي مَلكة شخصية نُخلق بها؟ أم مهارة يمكن اكتسابها وتنميتها؟ فقط تابعونا.

ما هي المرونة النفسية؟

أنها ببساطة القدرة على التكيف والاستمرار رغم الظروف الصعبة والتحديات، إذا كنت قادر على إدراك مشاعرك وأحاسيسك السلبية وقادر على السيطرة عليها والتأقلم مع تلك الأحداث المفاجئة فأنت شخص مرن نفسيًا.

لا تقتصر المرونة النفسية على جانب واحد ولكنها تشمل العقل، العاطفة والسلوك، وتُقاس درجة المرونة النفسية بمدى قدرة الشخص على التأقلم مع تلك العوارض السلبية.

عادة ما تختلف نظرة الشخص المرن إلى المواقف والظروف وبكل تأكيد يختلف معها تصرفه، فهو لا يتصرف بانفعال لحظي نابع من مشاعر مؤقتة ولكن تنطلق تصرفاته من قيم وأفكار راسخة ومعتقدات، فينظر الشخص إلى كل فترة صعبة على أنها تحدٍ جديد عليه النجاح به والخروج منه بمزيد من المثابرة والقدرة على التكيف.

تصفح أيضًا: ماذا بعد الثانوية العامة؟

المرونة النفسية

فائدة المرونة النفسية

تُشير الكثير من الدراسات والأبحاث إلى أهمية المرونة النفسية والتي تتمثل في:

  1. تقليل التوتر والقلق والاكتئاب.
  2. تقليل احتمال التعرض للصدمات التي ينتج عنها أزمات صحية.
  3. إدارة العواطف وحالة مزاجية أكثر ثباتًا.
  4. أظهرت الدراسات مساعدة المرونة النفسية على إدارة الألم المزمن.
  5. قوة الإرادة لمواجهة التحديات مما يرسخ قوة داخلية تساعد الشخص على التأقلم بسهولة وإدارة الأزمات بشكل أفضل.
  6. كفاءة أعلى في إدارة العلاقات الاجتماعية نتيجة المرونة النفسية التي تولد استقرار نفسي إلى حد كبير.
  7. التمتع بحس فكاهي عالي والنظر إلى المشكلات والأزمات أنها تحديات يمكن مواجهتها ببعض من الفكاهة مع التفكير الإيجابي.

هذا إلى جانب مساعدة المرونة النفسية الأشخاص على التحكم بالمشاعر والأفكار بشكل كبير؛ وبدلًا من الشعور بالصدمة أو العجز محاولة البحث عن طريق للحل بالمواجهة لهذا التحدي وبالتالي يكونون أكثر رضا على الصعيد النفسي وأكثر اتزانًا على الصعيد العقلي حتى في أصعب اللحظات.

المرونة النفسية

مواصفات الشخص الذي يتمتع بالمرونة النفسية

تُعزز المرونة النفسية بعض الصفات الحميدة داخل الأشخاص مثل:

  • تمتعهم بنظرة أوسع وأكثر شمولية للمواقف.
  • المرونة في تقبل وجهات النظر من الآخرين دون غضاضة.
  • إدراك أهمية مرونة الأفعال التي بإمكانها تغيير المواقف لصالحهم.
  • القدرة على تغيير منظورهم للأمور بسلاسة حسب المواقف.
  • اتخاذ خطوات استباقية بدلًا من أن يكونوا رد فعل طوال الوقت.
  • القدرة على تنظيم عواطفهم وإدارتها بشكل جيد.
  • قادرون على الفصل بين المشاعر الشخصية والعمل والعلاقات الاجتماعية.
  • البعد عن التفكير الجامد واتخاذ القرارات في كل مرة بنفس الطريقة لمجرد اعتيادهم على ذلك.
  • روابط عائلية واجتماعية أقوى.
  • التسامح والعفو.
  • تقلبات مزاجية أقل.

ولكن تذكر لا تعني المرونة النفسية أنك دائمًا لطيف ومهذب؛ هي فقط تعني أنك قادر على تمييز أفضل طريقة للتعامل مع الموقف، وتذكر أيضًأ أن المشاعر السلبية قد تساعدنا أحيانًا على أن نكون أكثر حزمًا في إحداث تغيير حقيقي للأفضل.

كيف تستطيع اكتساب صفة المرونة النفسية؟

علينا الاتفاق أن المرونة النفسية أحد صور العلاج السلوكي المعرفي، وهي واحدة من المهارات التي يمكن تنميتها لمساعدة الأشخاص على قبول الألم والصعوبات التي حتمًا سنواجهها ما حيينا.

المرونة النفسية

أما عن كيفية تنمية أو اكتساب صفة المرونة النفسية فهناك خمس عمليات علاجية يمكنها مساعدتنا في ذلك هي:

  • فكر في اللحظة الحالية فقط

جميعنا يقضي أوقات طويلة في تذكر أحداث من الماضي أو القلق بشأن المستقبل، وربما يجلب هذا قد كبير من المعاناة والضغط، عليك التخلص من هذا وتركيز وعيك فيما تعيشه الآن لأن هذا سيُقلل كثيرًا من الضغط مما يجعلك أكثر مرونة نفسية.

  • راقب تفكيرك

يسيطر على معظمنا أفكار وتصورات غير حقيقية، ربما لا تكن نتاج حدث حقيقي ولكنها مجرد تصورات رأيناها من تجارب الآخرين وقدر رسخت في أذهاننا وباتت تسيطر علينا، وأسوأ تلك الأفكار هي أصوات داخلية سلبية لا تستطيع إيقافها.

مثال: ماذا لو كان بداخلك صوت سلبي دائمًا ما يوجه لك النقد بأنت غير جيد ولن تستطيع، لا شك أن هذا سيُشكل مزيد من الضغط مما يشوش تفكيرك ويجعلك غير قادر على التفكير بعقل واعي لا سيما في الأزمات التي تتطلب مرونة نفسية للتعامل معها.

لذا أنت بحاجة إلى مراقبة تفكيرك والسيطرة على كل ما هو سلبي في عقلك، حاول إنشاء مسافة بين وعيك وأفكارك، بحيث لا تُهمل أفكارك الداخلية بشكل كامل، ولا تنشغل بها حد الجنون، ما يطرأ على عقلك مجرد فكرة، دعها تذهب إن كانت سلبية أو فكر في طريقة تجعلها دافع لك نحو فعل إيجابي.

  • تقبل مشاعرك

بدلًا من الهروب أو ادعاء القوة المزيفة، تقبل أفكارك ومشاعرك في الأوقات الصعبة، والمفاجأة أن هذا التقبل سيُقلل من تلك المشاعر السيئة عكس ما يظنه البعض أن المقاومة تقتل المشاعر، على العكس المقاومة العنيفة ونكران المشاعر ستدفن تلك المشاعر مؤقتًا؛ لكنها سرعان ما ستهاجمك بشكل أقوى يجعلك أضعف مما تتصور.

  • تواصل مع الإيجابيين

إن المساحة الاجتماعية الآمنة هي وقودك في الأوقات والأزمات التي تُشعرك بالأمان وتجعلك أقدر على التفكير بعقلانية واتخاذ قرارات أكثر اتزانًا، فالإيجابيين هم مساحة الأمان الخاصة بك.

  • فكر بعيدًا عن الانفعالات

حين تحدث الأزمة طبيعي أن تشعر بالصدمة أو الحزن – أيًا كانت مشاعرك- تقبلها ثم جنب كل انفعالاتك جانبًا وفكر بشكل واعي وعاقل ثم ابدأ في تجزئة المشكلة وتحديد الأولويات للوصول إلى استراتيجية الحل المُثلى.

باختصار تعلم كيف تتقبل أفكارك ومشاعرك السلبية بدلا من الهروب، عليك المواجهة والتقبل والتفكير بإيجابية نحو حلول عملية وفق أهدافك وقيمك.

تصفح أيضًا: كيف تنجح في حياتك الشخصية والعملية؟

طرق المحافظة على المرونة النفسية

ربما يواجه الأشخاص صعوبة في المحافظة على مرونتهم النفسية نتيجة ما يتعرضون له من ضغط وقلق وأزمات وتقلبات متكررة، الفيصل هنا هو مجموعة من النصائح التي عليك تذكرها والعمل بها دائمًا وهي:

  1. لا تقمع أفكارك وتقبل مشاعرك.
  2. حدد قيمك وأهدافك وكن صادقًا والتزم بها.
  3. افصل نفسك عن أفكارك السلبية وتعلم كيف تُفكر بإيجابية.
  4. من الطبيعي أن تشعر بالانزعاج والألم ولكن لا تدع هذا يقودك نحو تصرفات بعيدة عن قيمك.
  5. حافظ على يقظتك لإدارة اللحظة الجالية بدلًا من الغرق في دوامك أفكار سلبية ليس لها أي وجود بالواقع.
  6. لا تتجاهل مشكلاتك أو تُنكر مشاعرك بل واجه واتخذ طريقك نحو تغيير الأمر.
  7. اطلب المساعدة من المتخصصين النفسيين إن شعرت أنك بحاجة إلى ذلك.

وختامًا تذكر عزيزي أن المرونة النفسية لن تُمكنك من حل مشكلاتك ولكنها تُولد لديك قوة واستقرار نفسي يجعلك قادرًا على التكيف والاستمتاع بالحياة رغم قسوة الظروف.

كما يمكنك مشاهدة فيديو احمد ابو زيد عن اداة تنظيم لا يمكن الاسغناء عنها :

(1) تعليقات

اترك ردا