شيء واحد فقط إذا قمت بتغييره سيخفف كثيرا من تعاستك وتوترك وبالتالي سيتسبب في سعادتك.
للأسف جميعنا يقوم بهذا الشيء بشكل غير واعي لأننا تربينا عليه منذ الصغر، وأنا تعرضت لها لفترة كبيرة في حياتي، ولكن عندما قمت بتغييرها أثرت بالإيجاب على حياتي وسعادتي.
هذا الشيء هو المقارنة، المقارنة هو فعل نقوم به لمعرفة مكانتنا بين الناس عن طريق النظر إلى أوضاع الناس وحالاتهم حولنا ومن ثم نجعل ذلك مرجعا نقيس عليه حالتنا وأوضاعنا، مما قد يسبب لنا التعاسة!
جميعنا يقوم بهذا الفعل للأسف لأننا تعودنا على ذلك من الصغر، هل تتذكر كم مرة أخبرك فيها أبواك عن زميلك المتوفق في الدراسة أكثر منك؟ أو عن ابن خالتك الذي حصل على مجموع أكثر منك في الثانوية العامة؟ للأسف جميعنا تعرض لهذا وتم تنشأته على مبدأ المقارنة الدائمة.
في هذا المقال سنقوم بتغيير وجهة نظرك فيما يخص المقارنة، وستلاحظ الفرق بعد الانتهاء من القراءة.
في إحدى القصص التي تنسب للحاج المرحوم صلاح عطية والذي كان من أغنى رجال الأعمال في مصر، تقول القصة أنه كان يتجول بموكبه في إحدى الشوارع وإذ به يمر على رجل يجلس مع أولاده في أرض زراعية له، نظر الرجل إلى الموكب بعين الغبطة وقال بلهجة مصرية بريئة “ادينا ياااااارب” فسمعه الحاج صلاح عطية فنزل من سيارته وذهب إليه ليكلمه، فقال له الحاج صلاح عطية هل تعطيني صحتك وأولادك وتأخذ كل ما لدي؟ جدير بالذكر أن الحاج صلاح عطية كان مريضا وليس له أولاد إلا أنه كان ثريا جدا، ففكر الرجل لبرهة ونظر لأولاده وقال “لا”.
العبرة من هذه القصة هو عدم وضوح الصورة والرؤية كاملة حال المقارنة التي تقوم بها، قد ترى نجاحات وأموال وسيارات لدى شخص ما، لكنك لا تتطلع على ما وراء الكواليس من أمراض ومعاناه وعدم سعادة قد يكون هذا الرجل فيهم، فالمقارنة هنا تكون ناقصة وغير مكتملة ولا أساس لها من الصحة.
وإذا كنت لا ترى أنك محظوظ ولديك الكثير من النعم، دعني أخبرك أن هنالك أحد ما في مكان ما في هذه اللحظة، يتمنى فقط أن يكون لديه بصر معافى مثلك، أو يتمنى أن يستطيع القيام والجلوس بشكل طبيعي والسير مثلك، والكثير الكثير من الابتلاءات التي لا نقدر أننا عوفينا منها لأننا نأخذها من المُسلمات.
وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا
المقارنة هي آفة هذا العصر، ومما ساعد على تأجيج نار المقارنة هو انتشار مواقع التواصل الاجتماعي وكثرة الصور التي تنشر عليها سواءا كانت لأصدقائنا أم للموديلز في الإعلانات.
ولكن! هل تعرف أن هذه الصور التي تلتقط أسعد اللحظات لأصدقاءك والتي قد يبدون فيها بكامل طاقتهم ونضارتهم قد لا تكون حقيقية؟ أو أن الصور التي تراها للموديلز في الإعلانات قد لا تكون أيضا حقيقية؟
الصورة التي قد يلتقطها زميل لك بجانب سيارة قد لا تكون له أصلا، ونضارة وجهه هذه هي فقط مؤثر بصري من أحد برامج تعديل الصور.
وصورة الموديل التي تراها منسقة ومنضبطة 100 بالمئة ليست حقيقية ولا طبيعية، فيوجد فريق كامل للإعداد والتصوير والإخارج والمونتاج عملوا معا لإخراج هذه الصورة، فهذه الفتاة التي تراها تم اختياراها طبقا لمعايير معينة، وأيضا تم وضح مستحضرات التجميل اللازمة لها وإلباسها أجمل وأفخم الملابس التي قد لا ترتديها في حياتها العادية، ومن ثم يأخذون هذه الصور إلى برامج تعديل الصور للتعديلات النهائية عليها بعد أن التقطها مصور محترف يعرف كيف يبرز المميزات ويخفي العيوب، فيقومون بتعديل الإضاءة والألوان لتبدو في النهاية كما تراها أنت.
فهل من المعقول أن تقومي أنتي كفتاة وحيدة بمقارنة جمالك أو شكلك أو حالتك بشكل وجمال وحالة هذه الموديل في ذلك الإعلان، بالطبع لا،تلك حرب خاسرة!
ونتيجة لهذه الأمور قد يصيب البعض إن لم يكن الكثير منا التعاسة بسبب هذه المقارنات الغير منطقية بالأساس، وقد يصل الحد إلى الانتحار والعياذ بالله.
وهذا كله غير حقيقي بالمرة، فالشخص الذي تراه مفتول العضلات في صوره على موقع مثل انستجرام فغالبا مايكون هذا جزء من عمله ولابد أن يعرض ذلك بالصورة التي تراها حتى يجذب العملاء للاشتراك معه في خطته الإرشادية لخسارة الوزن أو بناء العضلات.
في أحد الصور التي انتشرت مؤخرا للمثل فان ديزل والتي كانت في الوقت الذي لا يعمل فيه وتظهر بطنه أكبر من المعتاد رغم أن المعهود عنه أنه مفتول العضلات.
مالحل؟
من أكثر الأشياء الفعالة في مسألة المقارنة هو تمرين الامتنان، والامتنان هو أن تشكر الله عز وجل أنه أعطاك نعما عديدة، وأنا بالفعل أقوم بهذا التمرين يوميا ضمن تدوين اليوميات الخاص بي مما يساعدني أن أرى الأشياء الإجابية التي اختصني الله بها مما لا يدع مجالا أن أقارن نفسي بأحد.
أنصحك وبشدة أن تجعل ذلك روتينا يوميا لك، أن تقوم بتمرين الامتنان وتكتب على الأقل يوميا نعمة واحدة أنعم الله عليك بها واختصك بها، وسيساعدك هذا على عدم مقارنة نفسك بالآخرين ويجعلك تنظر لنفسك وعطايا الله لك وليس للآخرين.
يمكنك مشاهدة الفيديو الكامل من هنا :