ربما تكون الفترة الأكثر احتقانا في مسيرتك الدراسية هي مرحلة الثانوية العامة – التوجيهي، حيث تسعى أسرتك لتوفير كافة ما تطلب مما يعينك في دراستك وتهيئة مناخ مناسب للتركيز، كما تجد سيلا من التحذير والتهويل لا يتوقف عن الفشل في تلك المرحلة؛ وذلك لأنها -كما هو شائع- أهم مرحلة في حياتك، وينبني عليها مستقبلك..وهذا ليس صحيحا بالضرورة!

ولكن العجب -كل العجب- أنه فور دخولك المرحلة الجامعية ربما لا يكاد يكون أحد يعبَأُ بما تفعل في تلك المرحلة، ومعدل درجاتك، أو في أي عام دراسي أنت، على الرغم من البون الشاسع بين المحتوى العلمي في مرحلة الثانوية ونظيرتها الجامعية لصالح الثانية.

في مقالنا هذا سنساعدك لتحقق أقصى استفادة من كِلْتَا المرحلتين، ولنبدأ بالمرحلة الأولى.

تكمن أهمية تلك المرحلة في المعرفةِ الأساسية التي تكتسبها خلالها، وكذلك مجموعة المهارات التي تتعلمها لتجتاز تلك المرحلة؛ فالثانوية هي المرحلة التي يتعرض فيها دماغك لكم هائل من المعرفة المتنوعة؛ فتكتسب -مثلا- من تعلمك للغة العربية ذائقةً لغوية من دراستك للبلاغة والأدب، كما يستقيم فهمك للعربية بتعلمك أساسِها وهو النحو.

وتعرف من دراستك الفيزياء والكيمياء أن للأشياء من حولنا أسباب، وأن هناك موثرات تؤثر وعوامل تساعد وأشياء تستجيب بفعلها.

وتكتسب من المنطق الفكرَ التحليلي والتصديقَ المبنيَّ على أسسٍ علمية صحيحة.

كما تكتسب من حل مسائل الرياضيات كيفية حل المشاكل طبقًا للمعطيات والقوانين الحاكمة… إلخ

فشئت أم أبيت، ورغم أن الكثير يسعى لاكتساب تلك المعرفة ليوم الامتحان فقط، فالواقع أن هناك من تلك المعارف وطرق التفكير التي اكتسبتها ما يظل معك حتى بعد انقضاء تلك المرحلة.

قد تكون أنظمة التعليم في بلادنا ليست الأفضل، وتعتمد أكثر على الحفظ وتحصيل أعلى الدرجات والعلامات، ومن الصعب أن تستمتع بهذه المعرفة مع وجود ضغط مُلِحٍّ عليك كما لو كنت في سباق، فجرب أن تستمتع بالرحلة والتجربة لا بالانتهاء؛ فتغيير نظرتك حتما سيخفف عنك كثيرا من العناء.

إذن فهذه المرحلة بمثابة تمرين عقلي مكثف، وهذا هو جوهر تلك المرحلة.

وهي تختلف كثيراعن سابقتها، فأهميتها ليست في طبيعة المقررات الدراسية، ولكن في طبيعة الفترة الجامعية، فتجد أنه لا قيود عليك مقارنة بقيود واستنفار الثانوية، كما أن لك قدرا من الحرية أكبر بكثير مما سبق، كما تخف وطأة الالتزم بحضور المحاضرات… وهذه الميزات وغيرها قد لا تجدها في فترة أخرى من حياتك؛ فقد تتجه -كما الكثيرين- عقب التخرج إلى قضاء الخدمة العكسرية، ثم البحث عن عمل أو الزواج والالتحاق بدورات تدريبية، كما ستكون مرتبطا -بطبيعية المرحلة- بغيرها من المسؤوليات الكثيرة… فمن الصعب في هذه المرحلة المشحونة بعد تخرجك أن تجد صفاءً ذهنيًّا أو فراغا من المسؤوليات الكثيرة كما كنت تجد سابقا.

ولذلك فالمرحلة الجامعية هي أخصب الفترات التي تقدر فيها على تنمية مهاراتك حتى وإن كانت بعيدة عن مجال دراستك، بل ربما تكون هذه المهارات هي مصدر دخلك فيما بعد، كما هو حال كثير ممن حملوا شهادات وعملوا بدونها!

لذلك فأنت بحاجة إلى تنظيم وقتك الذي تقضيه بين زملائك في لَهْوٍ وتَبَطُّلٍ ربما هما السِّمَتَان الشائعتان بين الشباب وقتها، فحتما ستخسر كثيرا إذا ما استغرقت في هذا اللهو وقلما إن وجدت فرصة لتعويض ما مضى.

في هذه المرحلة قد تكتشف ما تريد أن تكون حقا، وهذا لا يأتي بالتأمل أو ممارسة اليوجا! بل بالاحتكاك المباشر مع الناس، وخوض التجارب، ومحاولة الحصول على منح في مجالات ترغب فيها. وللمزيد حول ما يمكنك فعله في هذه المرحلة ننصحك بقراءة هذا المقال (سبع وصايا لفترة الجامعة)

إذن أيهما أهم؟

كانت الثانوية ستكون الأهم لو كانت مرحلة منتهية وغير مرتبطة بالمرحلة الجامعية، حينها كان التركيز سيكون على التعليم لا على الدرجات.

وكانت المرحلة الجامعية ستكون الأهم إن دخل الشخص الكلية والتخصص الذي يفضله وليس ما يفضله غيره كأسرتِه أو أقرانِه أو ما أجبرَهُ عليه التنسيق.

ملخص المقال:

لذا فاحرص على الاستفادة المُثلى من كلتا المرحلتين.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *